استحباب الجمع بين الأذكار الواردة بعد الوضوء وفي الركوع والسجود

استحباب الجمع بين الأذكار الواردة بعد الوضوء وفي الركوع والسجود


 
الحمد لله.
الأصل مشروعة الاقتداء بالنبي صلى الله عليه في جميع ما ثبت عنه من أذكار وأدعية، كالذكر بعد الوضوء، وفي استفتاح الصلاة، وفي الركوع، وبين السجدتين، ونحو ذلك.
ويستحب الجمع بينها عند جماعة من أهل العلم ما لم يشق على غيره كما لو كان إماما والمأمومون لا يرضون بتطويله، فإن لم يجمع بينها، فينبغي أن ينوّع بينها، لئلا يكون شيء منها مهجورا.
قال النووي رحمه الله بعد ذكر أدعية الاستفتاح: "هذا ما ورد من الأذكار في دعاء التوجه، فيستحبّ الجمع بينها كلها لمن صلى منفرداً، وللإِمام إذا أذن له المأمومون، فأما إذا لم يأذنوا له فلا يطوِّل عليهم، بل يقتصر على بعض ذلك، وحَسُنَ اقتصارُه على: وجّهت وجهي إلى قوله: من المسلمين، وكذلك المنفرد الذي يُؤثر التخفيف" انتهى من "الأذكار"، ص45
وقال رحمه الله بعد ذكر أذكار الركوع، ص53: " (فأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ).
واعلم أن هذا الحديث الأخير هو مقصودُ الفصل، وهو تعظيم الربّ سبحانه وتعالى في الركوع بأيّ لفظ كان.
ولكن الأفضل أن يجمعَ بين هذه الأذكار كلها، إن تمكن من ذلك، بحيث لا يشقّ على غيره. ويقدم التسبيح منها.
فإن أراد الاقتصارَ فيستحبُّ التسبيح، وأدنى الكمال منه ثلاث تسبيحات، ولو اقتصر على مرّة كان فاعلاً لأصل التسبيح.
ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضاً آخر، وهكذا يفعل في الأوقات، حتى يكون فاعلاً لجميعها، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب " انتهى.
وقال ابن علان في "الفتوحات الربانية" (2/ 250): " وظاهر أن مثل الركوع فيما ذُكر، كلُّ ما ورد فيه أذكار متعددة، بروايات متنوعة، من الاعتدال، والسجود، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتشهد.
وقول بعض الشافعية والحنابلة: إن التلفيق يستلزم إحداث صفة لم ترد مجموعة في حديث واحد، فالأولى الإتيان بكل ما ثبت، هذا مرة وهذا مرة، وهكذا؛ يردّه جمع الأئمة لأذكار السجود والتشهد، وقولهم: إن الإتيان بها كذلك هو الأفضل، إلَّا لإمام يكره له التطويل.
ولا نسلم أن استلزام الجمع لذلك ينافي أفضليته، كيف وهو كله من كلامه صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بالتأسي به.
واختلاف الروايات فيه محمول على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ غيره" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (1/ 354): " (ولا تكره الزيادة على قول: رب اغفر لي، ولا على سبحان ربي العظيم، و) لا على (سبحان ربي الأعلى، في الركوع والسجود، مما ورد) من دعاء أو نحوه، ومنه: ما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وسره وعلانيته رواه مسلم" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" ( 3/77 ) بعد أن ذكر جملة من أذكار الركوع ، وهل يجمع بين هذه الأذكار أو يقتصر على ذكر واحد ؟
قال : " هذا محل احتمال ، وقد سبق أن الاستفتاحات الواردة لا تقال جميعا ، إنما يقال بعضها أحيانا وبعضها أحيانا ، وبينّا دليل ذلك ، لكن أذكار الركوع المعروف عند عامة العلماء أنها تذكر جميعاً " انتهى .
وينظر في شأن أدعية الاستفتاح جواب السؤال رقم : (225452).
وقال الشيخ صالح العصيمي، حفظه الله:
" الوارد في خطاب الشرع: إذا كان المحل يقبله جميعا؛ قيل.
وإذا كان المحل لا يقبله، اقتُصر على واحد منه.
فمثلا: أنواع الاستفتاح الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة؛ لكن المصلي منها:
واحدا؛ لأن المحل لا يقبل، لأن أبا هريرة رضي الله عنه، لما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنك إذا كبرت، سكت هنيهة، فماذا تقول؟ فقال .. ، وعلمه واحدا، فعلم أن هذه السكتة تصلح لاستفتاح واحد، فهذا الدليل قام على أن المحل لا يحتمل إلا واحدا.
وأما إذا كان المحل قابلا للزيادة، مثل التسبيحات الواردة في الركوع، أو الأدعية الواردة في السجود، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود، فأكثروا فيه من الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم.
فجميع ما ورد من الأذكار والأدعية في السجود، تقال، لأن المحل قابل لذلك.
ومثله كذلك: أذكار الصباح والمساء، فإن المحل قابل لذلك، فيأتي بها جميعا.". انتهى، بتصرف يسير:

.