بين الفرد والغريب رابط مشترك لغة واصطلاحًا: وهو مفهوم التفرد، وقد سَوَّغَ هذا الرابط لبعض العلماء أن يحكموا بترادف الفرد والغريب، فأنشؤوا يقولون: تفرد به فلان تارة، وأغرب به فلان تارة أخرى، وهو يقصدون شيئًا واحدًا (1).
والحق أن أكثر المحدثين على التغاير بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته: فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق الذي لم يقيد بقيد ما والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي الذي قُيِّدَ بقيد ما، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي الذي قُيِّدَ بالنسبة إلى شيء معين. وإنما يغايرون بينهما عند التسمية الاصطلاحية، فالأصل في مثل هذه التسمية عدم الترادف، أما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون بين التفرد والإغراب (2).
والفرد المطلق لا يجوز أن يتداخل مع الشاذ، فقد رأينا، في الشاذ شرطين لا بد منهما: التفرد والمخالفة (3). أما الفرد فلا يلاحظ فيه إلا مطلق التفرد. ومن هنا جاء تعريفهم له بأنه «الحَدِيثُ الذِي اِنْفَرَدَ بِهِ رَاوٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ إِلَيْهِ» (4). ويحكم له بالصحة أو الحسن أو الضعف تبعًا لحال رواته، وقد مثلوا للفرد المطلق الصحيح بحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، فإن
(1) قارن بـ " التوضيح ": 2/ 8 هامش.
(2) " شرح النخبة ": ص 8.
(3) راجع بحث الشاذ: ص 196 إلى 203.
(4) " ألفية السيوطي ": ص 95 وانظر الهامش حول البيت 184.