إنَّ تفسير القرآن بالقرآن هو أعلى أنواع التفسير؛ فالقرآن يفسر بعضُه بعضًا.
1 - مثال ذلك قولُه تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴾ [الطارق: 1 - 3] فـ ﴿ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴾ تفسير لكلمة ﴿ الطَّارِقِ ﴾.
2 - ومثالٌ آخر: وهو قولُ الله – تعالى -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]
فقد جاء في آيةٍ أخرى تحريمُ الإِثم الوارد في الخمر، وهي قوله – تعالى -:
﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 33].
والِإثم يتناول كلَّ معصية يتسبب عنها الِإثم، وقيل: هو الخمر خاصَّةً، ومنه قول الشاعر:
شَرِبتُ الِإثمَ حتَّى ضلَّ عقلي *** كذاك الِإثمُ تذهبُ بالعقولِ
وليس في إطلاق الِإثم على الخمر ما يدل على اختصاصه به، فهو أحد المعاصي التي يصدق عليها.
وقال في "الصحاح": « وقد يُسمى الخمر إثمًا». [انظر: "فتح القدير" للشوكاني ج 2/ 200].
3 - ومثالٌ آخر: قولُ الله – تعالى -:
﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62]
فقد فَسَّر "الأولياء" بقوله: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾. [يونس: 63]
أقول: وفي هذا التفسير ردٌّ على القائلين بأنَّ الولي: هو الذي يَعلمُ الغيب أو تكونُ له كرامات، أو له قبة على قبره أو غير ذلك من الاعتقادات الباطلة. فكل مؤمن بالله يطيع أوامره، ويتقي محارمه فهو من أولياء الله، والكرامة ليست شرطًا فقد تظهر، وقد تختفي. وقد تظهر بعض الأمور الغريبة على يد بعض الصوفية والمبتدعة وهذا من السحر الذي قال الله عنه: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66]. وقد ظهرت مثل هذه الأمور على يد المجوس في الهند وغيرها.
.