ا: أنس بن مالك | : صحيح الترغيب
: صحيح
التخريج : أخرجه أحمد (12567)، والبزار (7196)، وأبو يعلى (2863).
حُسنُ الخُلُقِ مِنَ الصِّفاتِ الجَليلةِ التي يَنْبَغي أنْ يتَّصِفَ بها المُؤمِنُ، وقد اهْتَمَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذا الجانِبِ اهتمامًا بالغًا؛ فهو الهادي لأُمَّتِه إلى طَريقِ الخيرِ، وهو مُعلِّمُها الأوَّلُ، ولاسِيَّما فيما يتَعلَّقُ بأُمورِ الحياةِ الَّتي تَحتاجُ إلى التَّوجيهِ إذا اختَلَف النَّاسُ، وتبَدَّلَتْ أحوالُهم من حيثُ الدِّيانةُ والأمانةُ والأخْلاقُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "قلَّما خَطَبَنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا قال: "، أي: قَلَّ أنْ تَجِدَ خُطبةً من خُطَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَواعِظِه إلَّا ذَكَرَ فيها، قوْلُهُ: "لا إيمانَ"، أي: لا إيمانَ كامِلٌ "لِمَنْ لا أمانةَ له"، أي: لمن كانتْ في نفْسِهِ خِيانةٌ يَخونُ في مالِ أحدٍ أو نفْسِهِ أو أهْلِهِ، فمَنْ كان كذلك فإِيمانُهُ ناقِصٌ؛ لأنَّ الأمانةَ مِن أهَمِّ خِصالِ الإيمانِ، "ولا دِينَ"، أي: لا دِينَ كامِلٌ "لِمَنْ لا عَهْدَ له" أي" لِمَنْ يَخونُ العُهودَ ويَنْقُضُها، دُونَ ناقِضٍ شَرْعيٍّ، فإنَّ اللهَ أَمَرَ بالوَفاءِ بالعُهودِ، وأكَّد ذلك؛ فمَنْ نَقَضَ عهدَه، فهذا من قِلَّةِ دينِهِ وعَدَمِ كمالِهِ، وقيل: مَعْناهُ النَّهْيُ عن أنْ يَخونَ المُؤمِنُ أو يَنْقُضَ العُهودَ، ولا يفعَلُ ذلك وهو مُؤمِنٌ، وقيل: لا إيمانَ له إذا استحَلَّ ذلك ولم يَرَهُ مَعْصيةً، وقيل: يُنزَعُ الإيمانُ منه، فيكونُ فوقَه كالقُبَّةِ، فإذا فارَقَ الذَّنْبَ عاوَدَهُ إيمانُهُ.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ أثَرَ الدِّينِ ينبَغي أنْ يَظهَرَ في سُلوكِ الإنْسانِ بينَ النَّاسِ، فلا يُؤذِيَهم، ويَظهَرَ في أفعالِه الذَّاتيَّةِ؛ فيَجتنِبَ المحرَّماتِ ويَفعَلَ المأمورَ به .